أولاً: التمهيد
تُعد السرقة بالإكراه من أشد صور جريمة السرقة خطورة، حيث لا يكتفي الجاني بالاستيلاء على مال الغير، بل يقترن فعله باستخدام القوة أو التهديد بها، مما يمس أمن الأفراد وسلامة المجتمع.
ولذلك، شدد المشرع المصري العقوبة المقررة لهذه الجريمة، واعتبرها من الجنايات التي قد تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد أو الإعدام في بعض الحالات المشددة.
ثانياً: الأساس القانوني للجريمة
نظم المشرع هذه الجريمة في المادة 314 من قانون العقوبات المصري، حيث نصت على:
“يعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد على السرقات التي تقع بالإكراه في الطرق العامة أو في إحدى وسائل النقل البرية أو المائية أو الجوية، سواء وقع الإكراه قبل أو أثناء السرقة، وكذلك إذا وقع الإكراه بعد السرقة مباشرة بقصد الاحتفاظ بالمسروق أو الهرب به.”
كما نصت المادة 315 على ظروف التشديد إذا اقترنت السرقة بالإكراه بحمل سلاح أو ارتكبت من أكثر من شخص.
ثالثاً: أركان جريمة السرقة بالإكراه
1- الركن المادي
يتحقق الركن المادي بقيام الجاني:
- بالاستيلاء على مال منقول مملوك للغير.
- باستخدام الإكراه المادي أو المعنوي على المجني عليه.
- أن يكون الإكراه سابقاً أو مقترناً أو لاحقاً مباشرة لواقعة السرقة بقصد الاحتفاظ بالمسروق أو الفرار به.
2- الركن المعنوي
هو القصد الجنائي العام، أي علم الجاني أنه يستولي على مال الغير بغير حق، واتجاه إرادته إلى ذلك، بالإضافة إلى القصد الخاص وهو نية التملك.
3- ركن الإكراه
الإكراه قد يكون مادياً مثل الاعتداء البدني أو التقييد أو الدفع، أو معنوياً مثل التهديد بالسلاح أو بإنزال أذى جسيم.
رابعاً: ظروف التشديد
طبقاً للمادة 315 من قانون العقوبات، تشدد العقوبة إذا:
- وقعت السرقة بالإكراه ليلاً.
- ارتكبها شخصان فأكثر.
- كان أحد الجناة حاملاً سلاحاً ظاهراً أو مخبأً.
- إذا أفضى الإكراه إلى جرح أو إصابة المجني عليه.
- إذا ارتكبت السرقة في طريق عام أو وسيلة نقل.
خامساً: العقوبات المقررة
- السجن المؤبد أو المشدد: في حالة وقوع السرقة بالإكراه في طريق عام أو وسيلة نقل، حتى لو لم ينتج عنها إصابة.
- الإعدام أو السجن المؤبد: إذا اقترنت الجريمة بقتل المجني عليه أو أحدثت به إصابة أفضت إلى الموت (مادة 314 و234 عقوبات).
- السجن المشدد من 7 إلى 15 سنة: إذا كان الإكراه بسيطاً دون إصابات جسيمة ودون ظروف مشددة أخرى.
سادساً: المبادئ القضائية لمحكمة النقض
- الطعن رقم 2414 لسنة 60 ق – جلسة 15/4/1992:
“يتحقق الإكراه في السرقة بكل وسيلة قسرية تقع على المجني عليه بقصد تعطيل مقاومته أو شل حركته، سواء كان مادياً أو معنوياً.”
- الطعن رقم 1683 لسنة 45 ق – جلسة 27/10/1975:
“يكفي لتوافر ظرف الإكراه أن يكون قد وقع على أي شخص أثناء السرقة، سواء كان المجني عليه أو غيره ممن تدخل لمنعها.”
سابعاً: مثال تطبيقي
إذا قام شخصان بقطع الطريق على سيارة نقل، وأشهرا سلاحاً نارياً في وجه السائق، وأجبراه على النزول ثم استوليا على السيارة وفرّا بها، فإننا أمام جناية سرقة بالإكراه مع ظرفي التشديد (ارتكابها من أكثر من شخص + حمل سلاح).
ثامناً: الخاتمة
إن جريمة السرقة بالإكراه تمثل اعتداءً مزدوجاً على الملكية والأمن الشخصي، وهو ما جعل المشرع المصري يشدد عقوبتها إلى أقصى حد، ويضعها في مصاف الجرائم التي تهدد استقرار المجتمع.
ويظل تقدير توافر ركن الإكراه والظروف المشددة متروكاً لمحكمة الموضوع، في ضوء ما يعرض عليها من وقائع وأدلة.

